برحيل مصطفى الحلاج

السيريالية في فلسطين تفقد أحد رموزها

فقدت السيريالية في فلسطين أحد أبرز رموزها الذي قضى مؤخراً في العاصمة السورية دمشق.

فقد فقدت السيريالية والفن الفلسطيني والعربي عموماً الفنان مصطفى الحلاج، الذي عاش متنقلاً قبل أن ينتهي به المطاف في العاصمة السورية.

وقد نعت أمس الاول الهيئة العامة للاستعلامات في قطاع غزة الفنان الفلسطيني الحلاج، والذي رأت أنه برحيل الحلاج يكون قد رحل واحد من الفنانين الفلسطينيين الكبار، وأول فنان فلسطيني اعتمد السيريالية بمفهومها الثوري في رسومه، الفنان الذي عرف كيف يمزج بذكاء ورشاقة الخيال بالواقع والحلم بالحقيقة، حاملاً لواء القضية الفلسطينية، لاعباً على حدود التلاقي بين الأسطورة والواقع، مستحضراً في لوحاته أساطير مصر القديمة وأساطير بلاد ما بين النهرين والأساطير الكنعانية، ليصوغ إسقاطاته على الواقع الفلسطيني والعربي، ويؤكد هويته الممتدة الى أعماق التاريخ.

وأشارت أنه برحيل الحلاج،فقد رحل الفنان الذي كان يرسم بريشة شيخ محترف وقلب طفل صغير... الفنان الذي لم يطلق الرصاص على رأسه عندما هجّره الاحتلال الإسرائيلي من منزله في بيروت، وإنما أصيب بسكتة ريشته وقلمه أكثر من عشر سنوات.

أكثر الحلاج من استخدام خيول طفولته وتحريكها في مساحة بيضاء، بعفوية مثقفة وبالكثير من المغامرات وعناصر التشويق، وأكثر من اللعب في الفراغ مضفياً جواً من المتعة التي يتبادلها الفنان والمشاهد في آن، حتى وإن كانت هذه المتعة ممتزجة بالشعور بالهزيمة واندحار أبطال لوحته وشخوصها.

كانت الملامح التعبيرية والدلالات الرمزية في لوحات الحلاج تتشابك، إذ كان ابن جيل تشابكت في عقله ووجدانه علاقات مركّبة ومعقّدة، جيل لم يحمل همّ قضية واحدة، إنما يجهد في تمثيل هموم الكرة الأرضية بأسرها. فكانت لوحته حمّالة هموم ومآس واختلال توازن الأرض والبشر، ومع ذلك بقيت الهزائم تحفر في لوحته من دون أن تهزمه أو تكسره أو تُسكت ريشته أو تُسقط أدوات الحفر من بين أصابعه.

رحل الحلاج الذي اشتهر بقوة الحفر في نتاجه، فقد كانت رغبته في أن يستعيد تجربة الفن من أقاصي التاريخ، من أساليب الحفر الصيني الطباعي، ليمتلك قدرة منافسة اللوحة الحديثة، وأن يبدأ من تهجيات الأطفال في كزّ الصور ليحتل مكاناً مرموقاً في النتاج الغرافيكي العربي، وينوّع في هذا الفن، متنقلاً بين لغة الأبيض والأسود ولغة التداخل اللوني واللعب بالسطوح اللونية والظل والضوء والتجريب الفاتن.

بدأ الحلاج رحلته الفنية في مصر، بعد أن كانت ولادته في سلمة، قضاء حيفا، بفلسطين العام 1938. أقام أول معرض له في القاهرة التي أنجز فيها العديد من الأعمال النحتية، ولما كان مشواره الذي انطلق من مصر دارساً وفناناً، تابع الى الأردن، فسوريا، فلبنان، فسوريا...

وسم حياته بالترحال والتنقل فإن ذلك لم يتناسب وإنتاج النحت الذي ملأ تجربته الأولى، فمال إلى الحفر، وكانت من أواخر أعماله لوحة غرافيك بلغت 95 متراً. وإلى جانب الحفر، رسم ولوّن، وأقام العديد من المعارض الفردية في بلدان عربية وأجنبية.

وقد حصد الفنان الراحل جوائز كثيرة ابتداء من العام 1961. وحاز جائزة النحت في القاهرة (1968)، وجائزة الحفر في بينالي الإسكندرية (1968)، وذهبية الحفر في المحرس بتونس (1997)، والجائزة الأولى في الحفر في بينالي المحبة باللاذقية (1999) والعديد من الجوائز وشهادات التقدير العالية.

وقد نعته الأمانة العامة للاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الفلسطينيين والهيئة العامة للاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين واللجنة المركزية لحركة فتح